الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تلبس الجني ببدن المصروع من الإنس أمر ثابت بالكتاب والسنة واتفاق أئمة أهل السنة؛ قال تعالى: {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس} [البقرة:275]، وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم"، وروى أحمد وابن ماجه وغيرهما حديث عثمان بن أبي العاص الثقفي رضي الله عنه أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم معها صبى لها به لمم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اخرج عدو الله أنا رسول الله"، قال فبرأ، قال فأهدت إليه كبشين وشيئاً من أقط وشيئاً من سمن، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذ الأقط والسمن وأحد الكبشين ورد عليها الآخر"، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة.
وقال عبد الله ابن الإمام أحمد قلت لأبي: إن قوماً يقولون: إن الجن لا يدخلون في بدن المصروع، فقال: يا بني يكذبون، هذا يتكلم على لسانه.
وهذا الأمر مشهور بين الناس فإنه يرى الرجل مصروعاً فيتكلم المصروع بلسان لا يعرفه، ويضرب على بدنه ضرباً عظيماً ومع هذا لا يحس بالضرب ولا بالكلام الذي يقال حوله.
وأنكرت المعتزلة -وهي من الطوائف الضالة- تلبس الجني بالإنسي، لكن يكذبهم القرآن والسنة، والواقع المشاهد فتجد الجني يتلبس بالإنسي ويؤثر عليه يمرضه ويخيفه ويزعجه ويقلق فكره، حسب تسلط الجني على الإنسي.